تشعر أحيانًا بوخز أو تنميل في أصابعك عند استخدام الهاتف أو الكمبيوتر لفترات طويلة؟ قد تكون هذه البداية للإصابة بمتلازمة النفق الرسغي، وهي حالة شائعة تؤثر في العصب المتوسط في معصم اليد. مع الوقت يمكن أن تتطور الأعراض لتشمل ألمًا مستمرًا وضعفًا في قوة اليد؛ مما يجعل المهام اليومية صعبة. 

انتشار الأجهزة الإلكترونية وزيادة ساعات العمل المكتبي جعل تلك المشكلة أكثر شيوعًا. لكن الخبر السار هو أن هناك طرق علاجية فعالة تساعد على تخفيف الألم واستعادة القوة الطبيعية لليد. في هذا المقال، سنستعرض أسباب المتلازمة وأعراضها وأفضل خيارات العلاج، لتتمكن من حماية معصمك والحفاظ على راحة يدك في حياتك اليومية.

ما هي متلازمة النفق الرسغي؟

متلازمة النفق الرسغي هي حالة تحدث عندما يتعرض العصب المتوسط في معصم اليد للضغط أو الانضغاط داخل قناة صغيرة تعرف بالنفق الرسغي. ذلك الضغط يؤدي إلى الشعور بالوخز أوالتنميل أو الألم أو ضعف قوة اليد، خاصة في الأصابع الثلاثة الأولى والجزء الأوسط من اليد.

عادةً تتفاقم الأعراض مع أداء حركات متكررة للمعصم، مثل: الكتابة على لوحة المفاتيح أو استخدام الهواتف أو الأعمال اليدوية الدقيقة. إذا لم يُعالج الضغط قد يؤثر في القدرة على الإمساك بالأشياء ويحد من أداء الأنشطة اليومية.

أسباب الإصابة بمتلازمة النفق الرسغي

تحدث متلازمة النفق الرسغي نتيجة ضغط العصب المتوسط في معصم اليد؛ ما يؤدي إلى الألم والتنميل وضعف قوة اليدين. فهم الأسباب الأساسية للإصابة يساعد على الوقاية منها وتحديد العلاج المناسب بسرعة قبل تفاقم الأعراض، وتتضمن الآتي: 

• الحركات المتكررة للمعصم واليد: الاستخدام المستمر للوحة المفاتيح أو الهواتف أو أدوات يدوية دقيقة يسبب ضغطًا متكررًا على العصب المتوسط.
• الإصابات السابقة: كسور أو رضوض المعصم قد تؤدي إلى تغير شكل النفق الرسغي وزيادة الضغط على العصب.
• الالتهابات والأمراض المزمنة: مثل التهاب المفاصل أو مرض السكري؛ إذ تؤدي تلك الحالات إلى تورم أو تغير الأنسجة المحيطة بالعصب.
• التغيرات الهرمونية واحتباس السوائل: الحمل أو انقطاع الطمث قد يسبب تورم المعصم؛ مما يزيد الضغط على العصب المتوسط.
• العوامل التشريحية والوراثية: بعض الأشخاص يولدون بنفق رسغي ضيق أو أصغر، ما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة.
• العمر والجنس: النساء أكثر عرضة للإصابة بسبب بنية المعصم، وتزداد المخاطر مع التقدم في العمر.

أعراض متلازمة النفق الرسغي الشائعة

تختلف أعراض متلازمة النفق الرسغي من شخص لآخر، لكن عادة يعاني المريض الأعراض الآتية:

• تنميل ووخز في الأصابع في الإبهام والسبابة والوسطى، وقد يمتد أحيانًا إلى راحة اليد.
• ألم في المعصم واليد يزداد الألم عند الليل أو عند القيام بحركات متكررة للمعصم.
• ضعف القبضة ويشعر المصاب بصعوبة في الإمساك بالقلم أو الأكواب أو رفع الأشياء الصغيرة.
• قد يصاحب الألم شعور بثقل اليد أو تورم خفيف في الأصابع.
• صعوبة أداء المهام اليومية بسبب الألم والتنميل.

علاجات متلازمة النفق الرسغي

• تقليل الحركات المتكررة للمعصم واليد، وأخذ فترات راحة أثناء العمل على الكمبيوتر أو استخدام الهاتف.
• تثبيت المعصم أثناء النوم أو أثناء الأنشطة لتقليل الضغط على العصب المتوسط.
• العلاج الطبيعي وممارسة تمارين شد وتقوية المعصم واليد، التي تساعد على تخفيف الأعراض وتحسين مرونة الأوتار.
• الأدوية المضادة للالتهاب، مثل: المسكنات أو كريمات مضادة للالتهاب لتخفيف الألم والالتهاب حول العصب.
• في الحالات المتوسطة إلى الشديدة، قد يصف الطبيب حقن الكورتيزون لتقليل التورم والضغط على العصب.
• في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاجات السابقة، يتم إجراء جراحة تحرير النفق الرسغي لتخفيف الضغط على العصب واستعادة وظيفة اليد.

علاج متلازمة النفق الرسغي

تختلف الأساليب الجراحية المستخدمة في إصلاح النفق الرسغي حسب شدة الحالة واحتياجات المريض، وتهدف جميعها إلى تخفيف الضغط عن العصب الوسطي وإعادة وظيفة اليد لطبيعتها. وتشمل أبرز التقنيات:

• الجراحة المفتوحة (Open Release Surgery)

ينفذ الجراح شق صغير في راحة اليد للوصول إلى الرباط العرضي وقصه؛ مما يخفف الضغط عن العصب، وتُعد من أكثر الطرق شيوعًا وذات نتائج طويلة المدى.

• الجراحة بالمنظار (Endoscopic Release)

تُجرى من خلال فتحة صغيرة واحدة أو اثنتين، ويدخل الطبيب منظارًا رفيعًا لقص الرباط دون فتح كبير في الجلد، وتمتاز بألم أقل بعد العملية وعودة أسرع للنشاط اليومي.

• التحرير بالموجات فوق الصوتية (Ultrasound-Guided Release)

تقنية حديثة تُستخدم فيها الموجات فوق الصوتية لتحديد موقع الرباط بدقة وقطعه بأدوات خاصة دون شق كبير، وتحقق نتائج فعالة مع الحد الأدنى من التدخل الجراحي.

• الجراحة بالموجات الحرارية أو الترددات الراديوية

تساعد على تحرير الأنسجة المشدودة حول العصب باستخدام طاقة حرارية موجهة، وهي مناسبة للحالات الخفيفة إلى المتوسطة.

نصائح الأطباء لإدارة الألم وتحسين الأداء الوظيفي

يساعد اتباع الإرشادات الطبية الصحيحة في تقليل الألم الناتج عن متلازمة النفق الرسغي وتحسين قدرة اليد على الحركة والقيام بالمهام اليومية. ويوصي الأطباء عادةً بمجموعة من النصائح العملية التي تُحدث فرقًا كبيرًا في مسار التعافي، ومنها:

• تجنب الحركات المتكررة التي تزيد الضغط على الرسغ، مثل: الكتابة الطويلة أو استخدام الأدوات اليدوية.
• استخدام الجبيرة الليلية لإبقاء الرسغ في وضع مستقيم أثناء النوم؛ مما يقلل انضغاط العصب الوسطي ويخفف الألم.
• استخدام الكمادات الباردة لتقليل الالتهابات، بينما تساعد الكمادات الدافئة على استرخاء العضلات وتخفيف التشنج.
• ممارسة تمارين التمدد والتحريك اللطيف، مثل: تمارين انزلاق العصب (Nerve Gliding) وتمارين مرونة الرسغ لتحسين الحركة وتقليل التيبس.
• تعديل وضعية اليد أثناء العمل، مثل: رفع لوحة المفاتيح أو استخدام ماوس مريح أو تعديل ارتفاع الكرسي لتخفيف الضغط على الرسغ.
• تناول الأدوية المضادة للالتهاب عند الحاجة لتخفيف الألم والتورم حسب توجيهات الطبيب.
• الاستعانة بالعلاج الطبيعي للمساعدة على تقوية عضلات اليد وتحسين الأداء الوظيفي وتقليل تكرار الأعراض.
• مراقبة الأعراض وفي حال استمرار الألم أو تفاقمه يُنصح بمراجعة الطبيب لاتخاذ قرار بشأن العلاجات المتقدمة أو الجراحة.

الأسئلة الشائعة حول متلازمة النفق الرسغي

تتضمن الآتي: 

هل متلازمة النفق الرسغي خطيرة؟

متلازمة النفق الرسغي ليست خطيرة في أغلب الحالات، لكنها قد تصبح مشكلة مؤثرة إذا تُركت دون علاج لفترة طويلة، إذ يمكن أن تسبب ضعفًا دائمًا في قبضة اليد وتنميلًا مستمرًا.

كم يستغرق الشفاء من متلازمة النفق الرسغي؟

عادةً يستغرق الشفاء من متلازمة النفق الرسغي من عدة أسابيع إلى بضعة أشهر حسب شدة الحالة ونوع العلاج. التحسن يكون أسرع في الحالات الخفيفة، بينما تتطلب الجراحة وقتًا أطول لعودة القوة الطبيعية بالكامل.

هل يمكن أن يسبب متلازمة النفق الرسغي حكة في راحة اليد؟

نعم، قد تسبب متلازمة النفق الرسغي شعورًا بالحكة أو حرقة في راحة اليد، لكن هذا العرض أقل شيوعًا من التنميل أو الألم. يحدث ذلك بسبب ضغط العصب المتوسط الذي يغذي الإحساس في الأصابع وراحة اليد، ما يؤدي أحيانًا إلى إحساس غير طبيعي، مثل: الحكة أو الوخز.

في النهاية، تظل متلازمة النفق الرسغي من المشكلات الشائعة التي قد تؤثر في أداء اليدين وجودة الحياة إذا لم تُعالج بالشكل الصحيح. ورغم ذلك فإن التشخيص المبكر واتّباع خطة علاجية مناسبة سواء كانت تحفظية أو جراحية يوفران فرصة كبيرة للشفاء واستعادة القوة والراحة في اليد. فإذا كنت تعاني تنميل متكرر أو ألم في المعصم، فلا تتجاهل الأمر؛ ابدأ بخطوة بسيطة نحو العلاج.